للشباب فقط

عن المجلة الغراء

 

في مناظرة ساخنة مع مجموعة من طلبة المعهد الموسيقي

الموسيقى غذاء للروح .. أم معول هدم لها؟!

 


(للشباب فقط) صفحة تهتم بقضايا الشباب المعاصرة، والتي تشكل نقطة تحول في شخصياتهم إما إلى التقدم والإنتاج ومواكبة التطور وإما إلى التخلف والاستهلاك والانسلاخ.

ومن أهم قضايا الشباب: الجنس، الوظيفة، الدراسة، الدين، الترفيه، الأسرة، العنف، وسائل الإعلام، المستقبل، الجريمة والثقافة وغيرها.

للمؤسسات في الدولة دور فعال في توجيه القوى الشابة إلى الابتكار والاستكشافات والتطوير في جميع الميادين. وللاستفادة من هذه الطاقات الشابة يجب محاربة كل أنواع الفساد التي تفتك بقواهم العقلية والنفسية والإنتاجية من وسائل الإعلام المرئية والسمعية كالفضائيات والإنترنت والمجلات والصحف اليومية والتلفاز ومن المخدرات والمسكرات وما شابهها كالمشروبات الجديدة الأجنبية وكل أشكال الميوعة والترف.

ثم وضع بدائل لاستغلال طاقات الشباب في بناء قدراتهم، علاقاتهم، عقولهم ونفسياتهم وفق منهج إسلامي واضح وموضوعي يسمو بهم نحو التكامل في الإيمان والأخلاق.

وللعقيدة الإسلامية السليمة دور فعال في توجيه سلوك الشباب وتفكيره إلى الغاية والهدف الذي خلق من أجله، وإلى منهج حياة أفضل فيه كل السعادة والازدهار. بعكس ما يعانيه الغرب من انسلاخهم عن العقيدة والذي سبب لهم الانحراف والفساد والمشاكل الاجتماعية والنفسية التي ليس لها علاج وما زال يضج بالمعاناة من سلوكيات الشباب والأسرة.

وقد ذكر أحد المهتمين بقضايا الشباب عن تجربته الناجحة والناجعة، بعمل معسكر ربيعي شبابي يضم الذكور والإناث كل على حدة لمدة 21 يوماً ومن دون اختلاط مع توفير برامج عقائدية، ترفيهية، رياضية، أخلاقية، اجتماعية، ثقافية، علمية وغيرها مما أشبع وقت فراغ الشباب برنامج متواصل من الصباح حتى المساء حيث الشباب يمارس كل طاقاته في هذا المعسكر مع التوجيه الديني وإرشاد المعلمين والأخصائيين في التربية والنفس في جو إيماني وأخوي بعيد عن المنزل والروتين والمدينة وأصدقاء السوء وأجهزة الإعلام المختلفة الفاسدة. وكانت النتيجة مذهلة، حقق هذا المعسكر نجاحاً منقطع النظير في تغيير قناعات الشباب والفتيات وعلاقاتهم وقدراتهم ونفسياتهم إلى الأفضل والأحسن.

فما أحوجنا اليوم إلى تجهيز مثل هذه المراكز الناجحة للاستفادة من القوى الشابة ونحن نقدم لكم في هذه الصفحة أهم القضايا والمشاكل التي يعاني منها الشباب والشابات مع المعالجة الموضوعية، إلى جوار استقبالنا لرسائلهم ومشاركاتهم سائلين الله القدير التوفيق والسداد.

أظهرت مناظرة نظمتها (للشباب فقط!) بين مجموعة من طلبة المعهد العالي للموسيقى ومجموعة من الشباب المعارضين للغناء في دولة الكويت، وجود خلل كبير في فهم طبيعة الموسيقى والغناء وما تؤدي إليه من نتائج وخيمة على النفس البشرية والمجتمع الإنساني.

وكانت مجلة المنبر الكويتية قد أعدت هذه المناظرة، ومثل جانب المعهد الموسيقي فيها كل من عبد العزيز محمد جعفر وعلي كمال وعبد الله يعقوب، فيما مثل الجانب الآخر كل من السيد ياسين الموسوي ومحمد حميد ومحمد قاسم خضير بالإضافة إلى المشاركات.

ونحن ننقل تفاصيل ما دار في المناقشة بحيادية؛ نضعها بين يدي القارئ الشاب كي يتعرّف على حجة الطرف الأقوى ويميّز بها مصلحته في الدنيا والآخرة. وفي ما يلي تفاصيل المناظرة:

- المحرر: ما رأي كلا الطرفين بالغناء والموسيقى؟

- عبد العزيز: الموسيقى أو الأغاني ما دامت لا تبعد الإنسان عن العبادة فليس فيها مشكلة، وأنا هنا أسأل الأخوة المعارضين: ماذا لو أنك كنت تستمع للطمية من إحدى اللطميات أثناء وقت الصلاة، أليس هذا إثما؟ وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأغاني، فلو استمع إليها في أوقات الفراغ فلا إثم عليه.

- سيد ياسين: الإثم ليس لسماعك اللطمية بل لتأخير الصلاة.

- عبد العزيز: بل الإثم لسماعك اللطمية أيضاً لأنك تتأخر بذلك عن الصلاة.

- سيد ياسين: إن سماع الغناء محرم وتأخير الصلاة محرم.

- علي: لأنها لَهَتْك عن الصلاة فهي تصبح بذلك حراماً.

- سيد ياسين: ليست حرمتها مقترنة بالتأخير عن الصلاة، فهي بذاتها جائزة، ولكن الأمر مخالف بالنسبة إلى الغناء لأنها بذاتها حرام.

- علي: أثبت لنا ذلك؟

- سيد ياسين: حيث أن الحرمة قد وردت من المعصوم. ولا نقاش في ذلك ولكننا يمكن أن نبحث الحكمة منه.

- علي: هل ذكر القرآن أن الغناء حرام؟ (مازحاً: ترا على فكرة آنا مسلم وأعتقد بالقرآن).

- سيد ياسين: نعم. قال سبحانه: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ).

- محمد: سئل ابن مسعود عن لهو الحديث فقال: (والله إنه الغناء- كررهاً ثلاثاً). وسألوا الإمام الصادق (عليه السلام) فأجاب بحرمتها وتلا هذه الآية: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله). وهذا معناه أن الغناء قد ورد في القرآن بلفظ (لهو الحديث).

- علي: أفهم من كلامك أن القرآن ذكر حرمة الموسيقى والغناء صراحة؟

- سيد ياسين: ليس كل ما في القرآن يُذكر صراحة. فأركان الحج - مثلاً - أساسية في الإسلام، لكن الله عز وجل لم يذكر تفصيلها في الكتاب العزيز، بل أشار إلى الحكم العام وترك التفصيل للمعصوم.

- علي: أعتقد أن زمن الرسول (عليه وآله السلام) لم يكن فيه غناء ولذا لم يأت تحريمه في القرآن.

- سيد ياسين: بل كان عندهم غناء ومن الطراز الأول! بل أضيف أن الأغاني جاءت منذ زمن أبناء قابيل الذين صنعوا آلاتها.

- علي: ولكن إلى الآن أنا لست مقتعناً.. لماذا لم يذكر القرآن صراحة هذا الموضوع وقال: الموسيقى والغناء حرام؟!!

- سيد ياسين: كما أخبرناك قد ذكره لكن بتعبير غير تعبيركم، وللعلم فإن الغناء محرّم في كل الشرائع.

- علي: كيف؟

- سيد ياسين: إن أهل البيت (عليهم السلام) حينما يحرّمون أمراً فإنه يكون محرماً منذ بدء الخليقة، كالغناء والخمر والزنا. فكل الشرائع من مصدر واحد هو الله جل جلاله. ثم إنني أريد منك أن ترد على هذه النقطة، في قوله تعالى: (واجتنبوا قول الزور) حيث سأل أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) عن هذه الآية فقال (صلوات الله عليه): (الزور الغناء).

- علي: هناك من الناس من يقول بأن قراءة المرأة للقرآن حرام!!

- سيد ياسين: ما علاقة هذا بموضوعنا! إن هذا يخرجنا عن صلب حديثنا.. لا تتهرب من سؤالي!

- علي: هناك من يضطهد المرأة ويقول أن صوتها عورة!

- سيد ياسين: إذا كان الأمر كذلك وتريد (لخبطة) الموضوع.. فهناك من العلماء من ذهب يوم عرفة ورأى بعض المسلمين (من المذاهب الأخرى) جالسين في حلقات ويستمعون لأم كلثوم!! فهل هذا صحيح؟!

- علي: لا عاد.. هذا ما يستحي! ناصر: لماذا لا يستحي.. ألست تقول بأن الغناء ليس محرماً؟!!

- علي: لأنه ذهب لتأدية أمر ما وهو فريضة الحج، فكيف يستمع للموسيقى. يفترض بالإنسان أن لا يقدّم شيئاً على شيء آخر. يا أخي.. أنا أصلي وأقرأ القرآن ولكن في أوقات الفراغ أسمع الأغاني، يا أخي.. بماذا أشغل وقت فراغي هاتِ لي شيئاً أشغل فيه وقت فراغي. (يعني لازم أقعد أصلي من الصبح إلى تالي الليل علشان أموت مبكراً)!!

- ناصر: قلت بأنك لا تقدّم شيئاً على الصلاة وهذا أمر حسن.. ولكن لنفترض أنك في إحدى محاضراتك في الجامعة أو المعهد وجاء وقت الصلاة، هل تقطع المحاضرة وتعتذر وتذهب لتصلي؟

- علي: لا طبعاً.. هذه دراستي!!

- ناصر: والذي في عرفات حيث قلت عنه أنه لا يستحي هو أيضاً يبرر الأمر بأنه: هذا مزاجي مثلاً!! أو هذا وقت فراغي كما تقول!

- المحرر: هناك من يعتبر الموسيقى والأغاني وسيلة من وسائل الاختراق الثقافي الغربي للمسلمين، وها أنت ترى كيف بدأ الشباب يتأثرون بهذه الأغاني لدرجة أنهم شباناً وشابات يضعون صورة لشخص مثل (مايكل جاكسون) في دور نومهم، فما رأيكم؟

- علي: هذه المسألة مجرد إعجاب شخصي لا أكثر.

- ناصر: لا .. تتعدى المسألة مجرد الإعجاب، فنحن مثلاً حينما وضعنا في مقر المجلة هذه الصورة لهذا العالم العملاق (وأشار بيده إلى صورة المفكر الإسلامي الإمام الشهيد السيد حسن الشيرازي) فمعنى ذلك أننا نقتدي بهذا الشخص، وكذلك شباب هذه الأيام يقتدون بشخص قذر مثل (مايكل جاسكون) المتهم بالشذوذ الجنسي!!

- علي: لا ليس الأمر كذلك.

- ناصر: اشرح لي كيف لا يكون كذلك؟

- علي: ها أنت ترى كثيراً من الشباب يستمعون إلى الأغاني الغربية مثل أغاني (مايكل جاكسون) ولكنهم لا يفهمون شيئاً منها لعدم إتقانه للغة الغربية، إنه فقط يحب الاستماع إلى الإيقاعات والألحان وهذا لا ضير فيه.

- ناصر: وبماذا تفسر قيام مجموعة من الصبية، والفتيات في مختلف بلدان العالم بإلقاء أنفسهم في البحر أو من ارتفاع شاهق انتحاراً لأنم لم يحظوا (بشرف) اللقاء بمايكل جاكسون رغم محاولاتهم الكثيرة طوال حياتهم؟ أليس هذا تأثراً كبيراً إلى حد الجنون؟!!

- علي: هذا الذي وضع الصورة لأنه تأثر بالتلفزيون أو الفيديو كليب، وأنت لا تستطيع أن تقيس بيننا وبين هؤلاء المجانين لأن هؤلاء معظمهم يعانون من حالة نفسية هستيرية.

- ناصر: (والله بدون أغاني هم ميانين بعد هالمرة حالة هستيرية).

- علي: حتى هذا الذي يستمع إلى أغاني (الهبّان) الشعبية المحلية أيضاً تصيبه حالة هستيرية.

- ناصر: (عاد إحنا اشعلينا.. هبّان ولا جربان على قولة اخوانا المصريين.. إحنا نقول كل هذي الأغاني حرام وتؤدي إلى مثل هذي الحالة الهستيرية).

- محمد: للعلم فإن معظم هؤلاء المغنيين الغربيين عملاء لإسرائيل التي جندتهم لأجل إفساد شباب المسلمين، وقد اكتشفت مجلة غربية أن مايكل جاكسون نفسه ينتمي إلى منظمة صهيونية هي التي تموّله. فانظر كيف استحوذ مثل هذا الحقير على عقول شبابنا!

- علي: ألم تسأل نفسك لماذا تتجه الناس إلى الأغاني؟

- محمد: جهل وغباء وفراغ!

- علي: غير هذا.

- سيد ياسين: الإحساس بالنقص الذي يعوّضه الغناء. فهذا العاشق المتيم بفتاة ترفضه مثلاً فإنه لا يرى ملجأ لشعوره بالنقص إلا الأغاني.

- علي: لا ليس لهذه الأسباب، فأنت ترى شخصاً (حافي منتف) لا يملك قوت يومه يستذبح للحصول على أغنية يسمعها. هذا معناه شدة الارتباط الروحي. كما أنه هناك من يتجه إلى أن يصبح مطرباً لأنه لا يتقن إلا هذه الحرفة، وبدون أن يوظف صوته الجميل في الغناء فإنه لن يستطيع الحياة.

- سيد ياسين: هذا الأمر يشابه ما كان يحدث في زمن العباسيين، حيث كان الطرب والغناء سلعة رائجة عند الخلفاء، وكان هارون العباسي (لعنه الله) يجلس على عرشه وأمامه أكثر من خمس صفوف من المغنين، فالجالسون عند رجليه في الصف الأول كان يعطيهم ألف دينار، ومن هم في الصاف الثاني خمسمئة مثلاً أو أقل، والثالث مئتان وخمسون وهكذا.

- علي: إن أكثر الأغاني مسروقة (كل واحد يقوم يجمع لحن من هني ولحنين من هناك ويسوي نفسه مطرب.. وتبون الصراحة ملينا نبي شيء يرقصنا ماكو)!

- محمد: قال الإمام الصادق (عليه السلام): (لا تدخلوا بيوتا الله معرض عن أهلها) وعندما سُئل عن ذلك قال (عليه السلام): (الغناء).

- سيد ياسين: نعم.. هناك شخص كان يذهب إلى الحمام وكانت جارية في منزل بجوار الحمام تغني، فنهاه الإمام الصادق (عليه السلام) عن الذهاب إلى الحمام وقال له: ألم تقرأ قول الله تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).

- علي: (يعني تبينا نمشي وسط الناس سادين آذانا طول عمرنا)!!

- سيد ياسين: هناك فرق بين السماع والاستماع، فالأول من دون قصد والثاني بقصد، وأنت محاسب على الثاني، لكن عليك الاجتناب عن الأول.

- علي: ولماذا الاجتناب.. بالعكس إذا اجتنبت فإنك ستتأثر ما إن تسمع إحدى الأغنيات لأنها ستترسخ في ذهنك. أما إذا استمعت لها دوما فإنها ستصبح أمراً عادياً في حياتك ولا تتأثر بها!!

- ناصر: (والله خوش منطق)!! (يضحك الحضور).

- محمد: ذكر علماء الغرب أن الغناء يدخل في قلب الإنسان ويغير من صفته ويجعله غير منتج.

- علي: أمعقول أن الذي يستمع إلى الغناء لا ينتج؟

- محمد: نعم.. فكل ما يثيره الغناء فيه غرائز الجنسية.

- علي: في الظاهر الغناء لا يحرك الجنس.

- محمد: ذكر علماء النفس أن أكثر المطربين حينما يندمجون في الغناء والموسيقى يصابحون بحالة هستيرية.

- علي: إذا شددت على الشباب ومنعتهم من الاستماع إلى الموسيقى فإنهم سيتعقدون، كما أن (فرويد) يقول بأن الغناء حالة نفسية.

- محمد: في كل (حرب الصهيونية ضد العرب) ذكر اليهود أنهم حينما اضطروا لشراء أراضي الفلسطينيين العرب لاجلائهم والتمهيد لاحتلالهم للقدس، فإنهم فكروا بعد ذلك في كيفية استرجاع النقود، فقادهم تفكيرهم إلى إنشاء البارات والملاهي والمراقص وتشجيع الغناء والبغاء وإحضار المومسات من الغرب لأن (العرب عبيد الشهوة) على حد قولهم!!

- علي: ها نحن نستمع إلى الموسيقى ولا نتأثر بها كما تزعم!

- محمد: أنت تقول ذلك لكن الواقع خلاف ما تقول، فلابد أن تؤثر بك الأغاني تأثيراً سلبياً.

- علي: نحن نتعلم الموسيقى والغناء للموهبة التي نتملكها وكذلك لأنها مصدر رزق.

- محمد: إن إبليس حينما أراد أن يغوي قوم لوط (عليه السلام) ويجرهم إلى الفساد فإنه توصل إلى اختراع وسيلة (المزمار) وهو آلة موسيقية.

- علي: إذا كان كذلك فما هو الشيء الذي يربط بين الدول والثقافات بلغة واحدة؟ إنها الموسيقى فقط.

- محمد: ذلك ليس شرطاً.. فالقرآن العظيم كان ولا يزال رابطاً بين مختلف القوميات والشعوب والدول، فما رأيك؟

- المحرر: ما هو البديل برأي الطرفين للأغاني؟

- علي: لست أرى بديلاً إلا إذا أردتمونا نملأ أوقات الفراغ بالجلوس في المقاهي ونشرب الشيشة والمعسل ونشاهد الساتلايت..

(وإلا وين تبونا نروح.. ترا أذّيتونا)!!

- محمد: الصراحة أنكم فاقدون لعقولكم.. فأحد أصحابي طلب مني أن أوصله مجمع المثنى (في الكويت) وما إن ركب بسيارتي حتى همّ بوضع سماعة المسجلة المحمولة بأذنيه لأنه يعلم أنني لا أستمع للأغاني. المهم أنني كنت أنظر له طوال الطريق (ينط ويناكز مثل الشاذي)!! (يضحك الحضور). وأنا أسأل هنا أين ذهب حسن الخلق، فالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الخلاق) والإمام الصادق (عليه الصلاة والسلام) يقول ما معناه: (إن حسن الخلق يعمر الديار ويزيد في الأعمار).

- علي: كم عمر صاحبك الذي ركب معك؟

- محمد: 18 سنة.

- علي: هذا الشخص لم يبلغ سن الرشد (21 عاماً) ولايزال في سن المراهقة، حينما يبلغ سوف يتعقل!

- ناصر: أيهما أعلم: الله أم الإنسان؟

- علي: الله تعالى بكل تأكيد.

- ناصر: فالله تعالى يقول بأن من بلغ 15 سنة (أو أقل أو أكثر) فإنه يكون بالغاً مادام قد بلغ الحلم. وينبغي عليه أن يعرف الحلال من الحرام. فما قولك؟

- علي: صحيح أنه تجاوز 15 عاماً لكنه شبّ على جو الأغاني، وأنت مثلاً لو أنك وضعت منذ ولادتك في غرفة مغلقة فهل ستتمكن من التحدث؟

- سيد ياسين: لا طبعاً.

- علي: فكذلك لو وضعناك في جو الأغاني فإنك ستعتاد عليها (إحنا خلاص تعوّدنا على هذا الشيء وعشنا فيه وصار في دمنا).

- سيد ياسين: المفروض أنك تتحكم بالوضع لا أن يتحكم الوضع السائد بك. ولو كان الأمر كذلك فللكافر العذر في عدم اعتناق الإسلام لأنه اعتاد على المجتمع الكافر وتربّى فيه. فهل هذا صحيح؟!

- عبد العزيز: إن الطفل إذا ما أسمعته أغنية فإنه يرقص تلقائياً، فما بالك بمن اعتاد على الوضع. فأنا مثلاً منذ صغري كنت استمع لمختلف الأغاني حتى وصلت إلى سن المراهقة، لا تحاسبوني على هذا الأمر بل حاسبوا البيئة التي عشت فيها طوال هذه السنين، فأخي الأول عازف وأخي الثاني مطرب. وللعلم فإنني أحب المسرح ولا أحب الموسيقى ولكنني في البيت اعتدت على سماعها من إخواني فتغلغلت فيّ.

- محمد: هناك بيت من الشعر ينطبق على حالتك يقول:

نعيب زماننا والعيب فينا          ولو نطق الزمان بنا هجانا

المفروض بك أن تتحكم بنفسك ولا تتأثر بمن هو حولك ما دمت معتقدا برسالتك في الحياة.

- سيد ياسين: إن الله أعطانا العقل فيجب أن نميز بين ما هو متوافق مع الدين وبين مالا يتوافق معه. وأنا أعتقد بأنك تستطيع أن تتغير وتمتنع عن الأغاني إذا ما كانت لديك الإرادة، فأنا شخصياً أعرف كثيراً من الوهابيين الذين استبصروا بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وغيّروا حياتهم جذرياً بعدما رأوا أن هذا الطريق هو طريق الحق. وكذلك يتوجب عليكم أن تفعلوا.

- علي: الإرادة...

- سيد ياسين (مقاطعاً): هناك رواية تفيد بأن ليلة القدر هي الليلة التي ينتقل فيها الإنسان من حال إلى حال. وينقل التاريخ أن أحد السرّاق كان قد سمع آيات من القرآن الكريم في تلك الليلة فتاب وتغيرت حياته جذرياً وأصبح من الفقهاء. ويمكن أن تكون عندكم هذه الإرادة إذا توسلتم بأهل البيت (عليهم السلام). والإيمان يجُبُّ ما قبله.

- عبد العزيز: ليس شرطاً أن يتحقق ذلك، فقد يذهب شخص إلى المقبرة ويستعبر وينشط ضميره لكنه ما إن يخرج منها حتى يعود إلى حالته السابقة.

- سيد ياسين: هذا يشابه قصة بعض الناس الذي كانوا يترددون على الإمام الصادق (عليه الصلاة والسلام) وكانوا يقولون: يا بن رسول الله عندما نكون في حضرتك نشعر وكأننا في الجنة وننسى كل شؤون الدنيا، وما إن نذهب إلى أهلنا وشؤوننا حتى تعود الدنيا لتشغل بالنا، فهل هذا نفاق أم ماذا؟ فأجابهم الصادق (عليه السلام) بما معناه: إبقوا على تلك الحال فإنكم إن بقيتم عليها لمشيتم على الماء كما مشى حواريو عيسى (عليه السلام). فلماذا يا إخواني لا تتطلعوا إلى الوصول لتلك الحالة بإذن الله تعالى.

- علي: عندي سؤال: أنا أدرس علم الموسيقى في المعهد العالي للفنون الموسيقية، وهذا علم، مثلما كنت تجلس في صفوف المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية لتتعلم هذا العلم، فهل في هذا إشكال؟

- ناصر: هذا حرام سواء في المدرسة أو في غيرها.

- علي: يعني تمنعني من دراستي التي هي علم سأنتفع به وأعمل بالشهادة التي سأتخرج بها؟

- سيد ياسين: الخطأ الذي عملته أنك دخلت في مضمار هذه الدراسة منذ البداية. فمثلك كمن يقول: إنني أتعلم فنون السحر كي أعمل ساحرا!!

- علي: وأين تريدني أن أذهب؟ هل إلى الجيش حيث لن يتعدى راتبي 280 ديناراً (ما توكل خبز) أم إلى الجامعة، وكيف أذهب للجامعة وليست بحوزتي شهادة الثانوية، وأنا انضممت إلى هذا المعهد لأنه لا يشترط هذه الشهادة.

- محمد: وهل تضمن أن تنتهي دراستك بالتوظيف؟

- علي: طبعا.. إما في المعهد ذاته أو في وزارة الإعلام أو في المسارح.. والموسيقى مجالها واسع في الوطن العربي!

- سيد ياسين: تستطيع أن تبحث عن طريق دراسي آخر.

- علي: لا فهذا مجالي.. فأنت إذا استمعت إلى شخص يقرأ القرآن بصوت جميل فماذا تقول عنه؟

- سيد ياسين: أقول عنه أنه موهوب بصوته.

- علي: وأنا كذلك موهوب بصوتي فاخترت طريق الدراسة الموسيقية.

- محمد: يقول رسولنا (صلى الله عليه وآله): (زينوا أصواتكم بالقرآن). وقد يكون هذا طريقك إذا كنت تمتلك الإرادة، فكثير من المطربين تابوا إلى الله وأخذوا في تلاوة القرآن كما تعلم، وأبدلوا سيئاتهم حسنات باستغلالهم الصحيح لموهبة الصوت.

- علي: (راح يصير عندي عيال يبون أكل.. من وين أوكلهم ولا تبوني أموّتهم جوع، فهل هناك وظيفة: مقرئ القرآن؟!!).

- سيد ياسين: (لا عيل إتوكّل عيالك من حرام!!!).

- ناصر: أنا أذكر لك قصة مذنب (هالي) ولابد أنك قد سمعت عنه. إن (هالي) كان شاباً يعيش في بيت فقير للغاية، الأب فيه طريح الفراش، والأم خادمة في البيوت، ولم يكونوا قادرين على تأمين قوت يومهم، وقد كان بإمكانه أن يعمل بحرفة غير شريفة كي يكسب بسرعة، ولكنه آثر العمل حداداً مع أحد العمّال، وكانت له هواية النظر إلى النجوم حتى اكتشف مذنب هالي المعروف وفتح الله عليه وأصبح رئيساً للجان علمية، ولو أنه اختار طريق الرذيلة لما وصل إلى هذه الشهرة والنبوغ العلمي. يا أخي اذهب إلى شارع الكندادراي في الشويخ وانظر إلى كل هؤلاء العمال الذين يكابدون لتحصيل معيشتهم، وقد بنوا قصورا في بلدانهم، إن الله أعطاك القوة والعقل وبإمكانك أن تصبح أحسن الناس.

- علي: (ممكن إتقولي حضرتك شلون بتقدم إلى البنية إلي بتزوجها وأنا أقول حق أهلها إني... ميكانيكي؟!!). (يضحك الحضور).

- ناصر: ما من عيب في العمل، لكن العيب كل العيب فيمن يعتمد على الآخرين وهو عاطل (بطالي). ونحن لم نقصد أن تعمل هذه الحرفة بعينها ولكننا ضربنا مثلاً فقط.

- المحرر: أخ محمد هل بإمكانك تصف لنا تجربتك في الالتزام الديني؟

- محمد: كنت في السابق غير ملتزم لكنني ما إن استمعت إلى أشرطة السيد هادي المدرسي عن الجنة وما فيها، والنار وما فيها، حتى عدت إلى صوابي والحمد لله على الهداية.

- علي: وكيف تقنع الشباب بالهداية؟

- محمد: البيئة التي نعيش فيها غدت قذرة للغاية، لكن على الإنسان أن يبدأ الخطوة الأولى مهما كانت صعوبتها في مقاومة إغراءات الدنيا.

- علي: (إحنا صار لنا سنين نحاول.. لكن ماكو فايدة وماكو نتيجة). كلنا معتقدون بالإسلام والنبي، ولكن لكل مبرراته في درجة الالتزام، وليس معنى ذلك أنني لا أقرأ القرآن فهذه دراستي وهي شأن آخر.

- ناصر: طبعا كلامك على قاعدة (ساعة لربك وساعة لقلبك) أو على القاعدة المنبرية الجديدة (ساعة للحسينية وساعة لسوق شرق)!! (يضحك الحضور).

- محمد: المهم أن لا تيئس من رحمة الله تعالى.

- سيد ياسين: كم سنة مضت في دراستك الموسيقى؟

- علي: هذه السنة الأولى.

- سيد ياسين: فالمجال إذن للتغيير متاح أمامك على مصراعيه، فلماذا لا تحوّل إلى تخصص آخر؟

- علي: هذا مجالي وأنا أحبه.

- المحرر: قد طال بنا النقاش، ولكن هناك أسئلة سريعة أرجو الإجابة عليها، هل تحب الموسيقى والغناء؟

- علي: نعم.

- المحرر: أي نوع منها؟

- علي: الطربية التي تطرب المستمع.

- المحرر: في أي وقت تسمعها؟

- علي: في أوقات الفراغ.

- عبد الله: أسمعها في معظم الأوقات باستثناء أيام محرم احتراماً لمصائب الحسين (عليه السلام).

- عبد العزيز: أوقات الفراغ، وأيام الامتحانات أسمع موسيقى هادئة وهي ضرورية للتركيز.

- المحرر: ما فائدة سماعكم للموسيقى؟

- عبد العزيز: هدوء الأعصاب والراحة، وللعلم فالعيادات تستعمل ذلك.

- المحرر: هل الغناء غذاء للرواح؟

- علي: ليس في كل الأوقات.

- عبد العزيز: نعم.

- المحرر: هل قابلت من نصحك بالابتعاد عنها؟

- علي: نعم أتى إلي أناس اتهموني بالكفر والزندقة لسماعي الموسيقى!

- عبد الله: والدتي كانت تنصحني كثيراً لكنني كنت أجيبها بأنني حر في تصرفاتي.

- المحرر: هل تذهب إلى المهرجانات الغنائية؟

- علي: لا.. أنا لا أصرف نقودي على مثل هذه الأشياء.

- المحرر: ما رأيك بمن يتجول على البحر رافعاً لصوت الأغاني؟

- عبد العزيز: شخص ليس لديه إحساس، فالمفروض أنك تستمع ولا تفرض ما تسمعه على الآخرين.

- سيد ياسين: لدي كلمة أخيرة بخصوص المقولة الكاذبة (الموسيقى غذاء الروح) فقد أثبت العلم الحديث أن لا علاقة لها بالتجربة التي قيل عنها أنها ساهمت في نمو بعض النباتات ما إن عزفت الموسيقى إلى جوارها، فالتجربة الحديثة تقول بأن السبب في نمو النباتات إنما كان لأن مستوى نبرة الموسيقى الهادئة لم يعلُ إلى درجة تؤثر على نمو النباتات، لكنهم حينما وضعوا إلى جوارها الموسيقى الصاخبة وجدوا النتيجة عكسية فقد ذبلت النباتات لأن مستوى الصوت كان أعلى من الحد المسموح به. وعلى هذا فلا علاقة للأمر بالموسيقى من حيث أنها غذاء الروح.

- المحرر: نشكر أطراف المناظرة على تجاوبهم ونأمل من الجميع تقبّل الرأي الآخر مع دعائنا لكم جميعاً بالموفقية في طريق الحق والهداية إن شاء الله تعالى.

 

   

عن مجلتنا الحبيبة

الصفحة الرئيسية